رسالة الموقع
رسالة الموقع
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، ونشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد؛
فإن الله سبحانه وتعالى قد سخر للإنسان كل الأسباب التي خلقها في الدنيا، كما قال سبحانه وتعالى : ( وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِى ٱلسَّمَـٰوَٲتِ وَمَا فِى ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعًا مِّنۡهُ ) [ الجاثية : ١٣ ]، وكما قال: ( هُوَ ٱلَّذِى خَلَقَ لَكُم مَّا فِى ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعًا ) [ البقرة : ٢٩ ] ؛ لتكون تلك الأسباب هي الموصلة إلى الله تعالى، وليكون مقصد المؤمن في هذه الدنيا وهدفه الذي يسعى إليه والميثاق الذي يصوغ علاقته بربه جل وعلا هو الوصول إلى الله تعالى، كما قال جل وعلا: ( فَفِرُّوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ ) [ الذاريات : ٥٠ ].
والوصول إلى الله تعالى معناه محبته والأنس به والتجافي عن دار الغرور. ومحبته تكون بمعرفته بأسمائه الحسنى وصفاته العليا، كما قال سبحانه وتعالى: ( وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ) [ الأعراف : 180 ] فالتعبد لله تعالى والدعاء له بأسمائه الحسنى هو أقصر الطرق الموصلة إليه جل وعلا. والأنس به يأتي بدوام ذكره جل وعلا، إذ قال سبحانه وتعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ) [ الأحزاب : 41 ] فكثرة ذكر الله تعالى هي الطريق لأن يلين القلب، وأن يكون موصولا بالله تعالى على الدوام، وهي الباب الأعظم لأن يكون المؤمن من أوليائه جل وعلا. وكذلك فإن الزهد في الدنيا هو طريق تحصيل محبة الله تعالى، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : « ازهد في الدنيا يحبك الله »، وليس المقصود بالزهد ترك السعي على الرزق ولكن أن يكون مقصود المؤمن في هذه الدنيا هو رضا الله جل وعلا، فيسعى على طلب رزقه ومعاشه مع فراغ قلبه وصدق طلبه لله تعالى.
ولا يكون المؤمن أهلًا لذلك إلا بتزكية نفسه؛ لذلك علق الله تعالى الفلاح على التزكية فقال: ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ) [الأعلى:14-15]. والتزكية من أهم الوظائف التي بعث الله تعالى بها النبي صلى الله عليه وسلم، كما قال: ( لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ) [آل عمران : 164] ، فبينت الآية أن طريق التزكية هو تلاوة الآيات وتعلمها والعمل بها، وقد قدمت الآية التزكية على تعلم الكتاب والحكمة؛ لتبين أن المقصود من تعليم الكتاب والحكمة هو التزكية؛ فكل ما يتعلمه المؤمن من عقيدة وفقه وتفسير وحديث مقصوده هو تحصيل العلم النافع الذي يؤدي إلى العمل الصالح وتزكية النفس وسلامة القلب وتطهيره؛ لتنبت فيه المحبة ويرتفع فيه الخشوع والمراقبة لله تعالى ولا طريق لتحصيل ذلك إلا بكمال التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم وصفاته وشمائله والالتزام بسنته صلى الله عليه وسلم في الظاهر والباطن والسير على هديه وسيرته ودأبه وعباداته واعتقاداته ، وهو ما طبقه الصحابة رضي الله عنهم فأوصلهم إلى تلك الدرجة العالية في الدنيا والآخرة
ومن هنا جاء إنشاء هذا الموقع لنشر خطب ودروس فضيلة الشيخ الدكتور/ محمد الدبيسي ليكون العمل بما فيها من معاني كلام الله تعالى وسنة النبي صلى الله عليه وسلم سببًا لتزكية المؤمنين ومحبتهم لربهم وتقريبهم منه جل وعلا، سائلين الله تعالى أن ينفعنا والمسلمين بما فيه وأن يرزقنا محبته والأنس بذكره والقرب منه ومعرفته إنه سميع قريب مجيب.